إن النبي صلى الله عليه وسلم ورد عنه في مواضع كثيرة نصوص تدل من تتبعها أنه لا يجب القضاء على من لم يبلغه الحكم، ومن ذلك ما روي بشأن قول الله تعالى في آية الصيام: (( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ))[البقرة:187]، ففي صحيح البخاري حديثان: الأول حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه، وقد أسلم في آخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم، فمؤكد أن الآية قد نزلت والصيام قد وجب، ومع ذلك فهم الأمر على أنه يأتي بحبل أبيض وحبل أسود.
والحديث الآخر حديث سهل بن سعد رضي الله عنه، حيث روى أنه عندما أنزل قول الله تعالى: (( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ ))[البقرة:187] ولم ينزل قوله تعالى: (مِنَ الْفَجْرِ)، كان رجال من الصحابة إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجله خيطاً أبيض وخيطاً أسود، وأخذ ينظر حتى يتبين له هذا من هذا، فأنزل الله تعالى بعدها (مِنَ الْفَجْرِ) فعلموا أن المقصود بالخيطين خيط الضوء وخيط الظلام.
يقول الحافظ رحمه الله تعالى: (ولا يحسن أن يفسر بعضهم) أي: هؤلاء الذين ذكروا في حديث سهل بن سعد (بحديث عدي )؛ لأن إسلام عدي كان متأخراً، وهؤلاء كان الأمر منهم متقدماً)، أي: تكرر من عدد من الصحابة أنهم فهموا الخيطين بمعنى الحبلين، وما أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بأن يقضوا، بل بين لهم الحكم.